"ليزا، تفوح منك رائحة المراحيض". ألقاها ستيڤ جوبس في وجه ابنته عندما ذهبت لزيارته في آخر أيام حياته. موقفٌ يلخص الجانب الأكثر ظلمةً من شخصية أحد أكثر الرجال تأثيرا في عالم التكنولوجيا خلال العقود الأخيرة، والذي لا يمكن مقارنة موهبته الإبداعية سوى بقسوته التي أعلنها تجاه ابنته.
وُلدت Lisa Brennan-Jobs في ١٧ مايو ١٩٧٨ في بيت عائلي في
ولاية أوريجون الأمريكية، لكن ستيڤ جوبس لم يكن حاضرا لحظة ولادتها ولم يظهر لأيام
بعد ذلك. كان والداها يبلغان من العمر ٢٣ عاما حينها.
ساعد
ستيڤ جوبس زوجته في اختيار اسم "ليزا".
ومع ذلك فقد رفض الاعتراف بها كابنة له أو أن يدفع لها أي نوع من النفقات. استمر
على هذا النهج لمدة أعوام، حتى أجبرته السلطات على فعل كلا الأمرين.
في
تلك الأثناء، نشأت ليزا مع أمها في بيئة متواضعة للغاية. اضطرت إلى الانتقال من مسكن
إلى آخر أكثر من عشر مرات خلال طفولتها، وكان كلاهما يعيش على الوظائف المؤقتة أو
إحسان الجيران.
تريد ليزا برينان-جوبس أن يعرف العالم قصتها من خلال كتابها (Small
Fry) الذي صدر بالأمس ٤ سبتمبر في الولايات المتحدة.
بعد
وقت قصير من إدراج شركة Apple في السوق المالية، سارع جوبس إلى عقد اتفاق مالي
مع والدة ليزا (يتضمن دفع نفقة مقدارها ٥٠٠ دولار شهريا بأثر رجعي) كي
يتجنب أن تؤثر أمورهم الشخصية على المستقبل المالي الواعد للشركة.
خلال
الفترات القصيرة التي قضتها ليزا مع
أبيها ستيڤ جوبس، واجهت العديد من المواقف السريالية التي دلَّت على شخصية والدها
الفظة وسوء معاملته.
واحد
من أكثر المواقف البارزة هو عندما رفض ستيڤ جوبس أكثر من مرة أن يضع مدفأة في غرفة
ابنته بحجة أنه، بهذه الطريقة، يغرس فيها "منظومة من القيم".
وفي
مناسبات أخرى، كان ستيڤ جوبس يلوم ابنته على عدم اندماجها في محيطه العائلي. كان
يقول لها: "الأمر لا ينجح. أنتِ لستِ قادرةً على أن تكوني فردا من هذه
العائلة".
من
بين أكثر اللحظات إظهارا لشخصية جوبس الغريبة مع ابنته هي عندما كانت ليزا لا
تزال طفلة وطلبت من جوبس وزوجته لو كان باستطاعتهما أن يقولا لها "طابت
ليلتك" قبل الخلود إلى النوم. طلبٌ قابله الاثنان بالرفض إذ قالا لها
معتذرين: "نحن أناس باردون".
لحظة
أخرى من بين اللحظات المزعجة في حياة ليزا كانت
عندما تظاهر جوبس بممارسة الجنس مع زوجته لاورينا وطلب من الطفلة أن تبقى في
الغرفة لمشاركة ما سمَّاه "لحظة عائلية".
على
مدار حياته، كان جوبس بخيلا جدا مع ابنته ليزا. إذ
تروي مقتطفات من كتابه الذي نشرته الصحافة الأمريكية كيف كان يكرر لابنته أنها لن
تحصل على "أي شيء" من ثروته، ومع ذلك فقد أُدرجت ليزا في
وصيته بعد وفاته.
وفقا
لحكاية ليزا، فإن تصرفات ستيڤ جوبس معها كانت تسبب قلقا لمن
حوله. فعندما كانت ليزا على وشك إنهاء دراستها الثانوية، كان جيران جوبس هم من
اسضافوها في منزلهم مؤقتا وساعدوها في دفع نفقات الدراسة الجامعية.
ورغم
الرفض المبدئيِّ وتصرفات جوبس الغريبة تجاهها، فقد اعترفت ليزا أنه
بمرور الوقت تعلمت أن تحب وتغفر تلك التصرفات الصادرة من والدها، الذي تحول الآن
إلى بطل كتاب تطمح إلى أن يكون نوعا من السيرة الذاتية فوق كل اعتبار.
وإجمالا،
يعتبر الكتاب حكاية قاسية عن أحد أهم الشخصيات التي أسهمت في تطوير ونشر
التكنولوجيا خلال مطلع القرن الحالي، والذي يتصادم وجهه الآخر مع مظاهر المودة
والعاطفة التي أظهرها الجمهور نحوه بعد وفاته حيث صنع الآلاف من محبيه أضرحة من
الزهور في جميع متاجر Apple حول العالم.